التراجم العطرة في سيرة (زوجات الرسول)
كم هي الحاجة ماسة لإبراز الصحابيات قدوات لنساء الأمة
في زمن المتغيّرات
في زمن اختلال الموازين
في زمن أصبحت القدوات حثالة المجتمعات
مِن راقصات ومُغنيّات
بل - أجاركن الله وحماكن - أصبحت المومسات قدوات !
وحقّ لنا حينها أن نقول :
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم !!
على أنه يبنغي أن لا يغيب عن أذهاننا أن الأمة لا زالت بخير ، وفيها نساء صالحات ، وفيها قدوات .
فاللهم احفظهن بحفظك
الشيخ عبد الرحمن السحيم
زوجات الرسول
سيدة نساء العالمين في زمانها
(خديجةبنت خويلد"رضي الله عنها)..
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدا لعزى القرشية الأسدية الملقبة .. بالطاهرة ..
خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة.
نسبها ونشأتها
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الأسدية. أما أمها فهي فاطمة بنت زائدة بن الأصمّ ، يتصل حبل نسبها بالشجرة النبوية المباركة . ولدت سنة 68 للهجرة (556 م) .وكانت السيدة خديجة تاجرة، ذات مال تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة.
زواجها ( قبل محمد )
كان لخديجة مكانة رفيعة في قومها ، لصباحة وجهها ، وجمال نفسها – إضافة إلى حسبها ونسبها – فتزوجها عتيق بن عابد ، من بني مخزوم ، فولدت له هنداً بنت عتيق ، ومات عنها . فتزوجها بعده أبو هالة ، مالك بن النباشّ بن زُرارة ، الذي يتصل نسبه بعمرو بن تميم ، حليف بني عبد الدار بن قصيّ . فولدت له : هنداً بنت أبي هالة ، وهالة بنت أبي هالة ، ولم يعش أبو هالة طويلاً ، فترملت خديجة مرة ثانية ، وتفرغت للتجارة ، ولم تفكر في الزواج بعد موت أبي هالة .
زواجها بمحمد ( صلى الله عليه وسلم )
وكرّت السّنون وهي مشغولة بتجارتها فقد كانت ترسل أموالها في تجارة إلى الشام فتشتري ما يروق لها من أمتعة الهند واليمن وسائر الأمصار لتبيعها بالربح الجزيل .
وسمعت بمحمد بن عبدالله ، الذي لُقب بالأمين لصدقه وأمانته ، فأرسلت إليه وعَرضت عليه أمر المتاجرة بأموالها على أن تُعطيَه ضعف ما تعطي لغيره فوافق على ذلك وخرج من بيتها راضياً مطمئناً .
وحانت ساعة الرحيل فانطلق الركب من مكة إلى الشام وكان الجو حاراً ولكن شيئاً شَدَهَ المرافقين للأمين وحيّرهم أثناء سيرهم ، ذلك أن غمامة كانت تُظَللُهُ أينما سار ، وحيثما اتجه ، فتجعل طريقة وطريقهم برداً وسلاماً ، فأعجب به أولئك الرجال أيّما إعجاب وسحروا بأخلاقه وصفاء نفسه وكان فيهم ميْسرة مولى خديجة .
وبالقرب من بُصرى الشام ، استرح القوم من وعثاء السفر فانتحى محمد الأمين ناحية وجلس تحت ظل شجرة قريبة منهم ، وأخذ يجيل بصره فيما حوله متأملاً . أما مَيْسرة فذهب ليزور بعض معارفه في ذلك المكان . وفي الطريق قابل راهباً اسمه ( نسطور ) ( وليس البحيري الذي قابله عندما كان برفقة عمه في رحلتهما الى الشام . ) فسأله ذلك الراهب عن الشخص الجالس تحت ظل الشجرة فقال :
من قريش ، من أهل الحرم .
فقال نسطور :
ما نزل تحت هذه الشجرة قطُّ إلا نبيّ ( أراد : مانزل تحتها هذه الساعة إلا نبيّ ، ولم يقصد غير ذلك ) .
وهرول الراهب نحو النبي صلى الله عليه وسلم وهو يردد قوله :
ليتني أُدرك وقت نبوّته .
وعندما اقترب منه تأمله طويلاً ، ثم عاين النقطة التي بين كتفيه ، وهي علامة النبوّة ، وعاد بعد ذلك إلى صومعته مسحوراً بما رأى .
عاد النبي عليه السلام ، من رحلته تلك بربح كثير لم تشهد خديجة ولا مولاها مثله ، فازداد إعجابها به . وسرد ميسرة على خديجة قصة الغمامة التي كانت ترافقه ، وحكى لها – كذلك – ما دار بينه وبين الراهب نسطور من حديث يبشّر بنبوّته .
وعرضت خديجة على محمد الأمين الزواج منها ، عن طريق مولاتها نفيسة .
زارت نفيسة محمداً ، وقالت له :
ما يمنعك أن تتزوج ؟
فقال : لا أجد المال اللازم لذلك .
فقالت له : فإن كُفيتَ ، ودُعيتَ إلى المال والجمال؟
فقال : ومَنْ هذه ؟
فقالت : خديجة بنت خويلد .
فتعجب محمد من ذلك ، وظل ساكناً لا يجيب .
فعادت نفيسة إلى مولاتها فرحة سعيدة ، تحمل لها بُشرى القبول .
وجاء القوم من بني هاشم يوم الإملاك ، وهو يوم العَقْد ، وفيهم محمد بن عبدالله ، فأصدق خديجة عشرين بَكْرةً ( الناقة الفتية ) وتم الزواج . وكانت خديجة في الأربعين من عمرها ، وكان محمد في الخامسة والعشرين .
الزواج الميمون ، وثمرته :
عهدت خديجة في محمد إدامة التفكير ، وحبّ الخلوة ، والبعد عن صخب الحياة وضوضائها ، فهيأت له كل أسباب الراحة والهدوء . وكان هو يقدَّر لها ذلك فيُجِلُّها ويحترمها أيّما احترام . ومضت تلك الحياة الهانئة السعيدة فقضى الزوجان المباركان خمساً وعشرين سنة ، كانت مثالاً رائعاً في الصفاء والمودة ، وكانت ثمرة هذا الزواج أربعة ذكور ( وقيل هم ثلاثة ) وأربع إناث ، وهم : القاسم والطيب والطاهر وعبدالله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء .
فأما الأولاد الذكور ، فهلكوا في الجاهلية . وأما زينب فتزوجها أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي فولدت له عليّاً ، وأمامة التي تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، بعد موت فاطمة الزهراء ، رضي الله عنها . ثم خلف عليها بعد عليّ المغيرة أبن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، بوصية من عليّ رضي الله عنه . وماتت زينب رضي الله عنها سنة ثمانٍ من الهجرة .
وأما رقية فتزوجها عتبة بن أبي لهب وطلقها قبل أن يدخل بها فتزوجها عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وهاجر بها إلى الحبشة وولدت له هناك عبدالله الذي مات بعدها وقد بلغ ست سنين . وكانت رقية من أجمل النساء ، أصابتها الحصبة وتوفيت بالمدينة المنورة ، بعيد معركة بدر . وأما أم كلثوم فتزوجها عتيبة بن أبي لهب ، وفارقها قبل أن يدخل بها فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، بعد موت رقية ، فسمي – لذلك – بذي النورين . تزوجها في شهر ربيع الأول ، ودخل بها في جمادي الآخرة ، من السنة الثالثة وماتت سنة تسع من الهجرة .
وأما فاطمة الزهراء ، فتزوجها علي رضي الله عنه وكان ذلك في شهر رجب بعد الهجرة بخمسة أشهر ، وبنى بها بعد عودته من بدر وكانت – رضي الله عنها – بنت خمس عشرة سنة ، وقيل بنت ثماني عشرة سنة ، فولدت له الحسن والحسين ومحسناً ( الذي مات صغيراً ) وأم كلثوم ، وزينب . ثم ماتت بعد أبيها صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، فكانت وفاتها لثلاث خلون من شهر رمضان ، سنة إحدى عشرة.
الوحي
عندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الأربعين من عمره كان يرى الضوء والنور ويسمع النداء ولا يرى أحداً . ثم يرى الرؤيا الصالحة في النوم . وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . ولقد حُبَب إلى محمد صلى الله عليه وسلم الانفراد والخلوة فكان يذهب إلى غار حراء ويطيل التأمل والتفكير .
وفي أحد الأيام جاءه جبريل – عليه السلام – برسالة من الخالق – عز وجل – فعاد إلى بيته مرتجفاً وهو يقول :
زّملوني ، دثَروني .
فزمّلته السيدة خديجة ، ولازمته حتى فارقه الخوف . ثم قال لها : إن جبريل جاءه وهو نائم ، بنمط ( وعاء ) من ديباج فيه كتاب ، فقال له : اقرأ . فقال له : ما أنا بقارئ ( أي : لا أستطيع القراءة ) وكررها ثلاثاً ، ثم قال له : ( اقرأ بأسم ربّك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربّك الأكرم الذي علم بالقلم ) ( سورة العلق ) .
قال صلى الله عليه وسلم : فقرأتها ، فانصرف عني ، وهببت من نومي ، فكأنما كُتبتْ في قلبي كتاباً . ثم بشرني جبريل بالرسالة . انطلقت خديجة – بعد ذلك – إلى عمها ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ( وكان قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل ) فروت له ما حدث لزوجها صلى الله عليه وسلم فقال :قُدّوس قُدوس ( أي طاهر ) والذي نفس ورقة بيده لئن كنتِ صَدَقْتني ياخديجة ، لقد جاءه الناموس الأكبر ( الوحي ) الذي كان يأتي موسى ، وإنه لنبيّ هذه الأمة ، فَلْيَثْبُتْ .
ثم نزل عليه الوحي بقوله تعالى ( يأيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر ، ولا تمنن تستكثر ، ولربك فاصبر ) ( سورة المدثر ) .
بعد ذلك ، أخبر زوجة بالأمر السماوي قائلاً : ( انتهى يا خديجة عهد النوم والراحة ، فقد أمرني جبريل أن أنذر الناس ، وأن أدعو إلى الله وإلى عبادته ، فمن ذا أدعوا ، ومن ذا يستجيب ؟ ) ثم قام ينشد ( ورقة بن نوفل ) فما إن رآه ورقة حتى صاح قائلاً :
" والذي نفسي بيده ، إنك لنبي هذه الأمة ، وَ لَتُكَذَّبَنَّ ، وَلَتُؤّذَيَنَّ ، وَلَتَخُرَجَنَّ ، وَ لَتُقاتَلَنَّ ، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصُرَن الله نصراً يعلمه "
ثم أدنى رأسه إليه فقبل يافوخه . قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ( أوَ مُخرجيَّ هم ؟ )
أجاب ورقة : نعم لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي ، ليتني أكون فيها جذعاً ( الشاب القوي ) .. ليتني أكون حياً.
الدعوة السَّرية
منذ ذلك الوقت بدأت الدعوة السرية التي استمرت ثلاث سنوات فأخذ يدعو أصدقائه وأقرب الناس إليه فكانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن به من النساء ، وأبو بكر رضي الله عنه أول من آمن من الرجال ( وقد سمي الصَّديَّق ، لأنه أول من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سرد له ما حدث له ليلة الأسراء والمعراج ) وكان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، أول من آمن به من الأطفال .
ولقد لقي صلى الله عليه وسلم في دعوته الناس إلى الإسلام المصاعب والعقبات الكثيرة وكان أشدهم عداء له عمه أبو لهب وامرأته وقد نزل فيهما قرآن يتلى مدى الدهر : ( تبت يدا أبي لهب وتب ، ما أغنى عنه ماله وما كسب ، سيصلى ناراً ذات لهب ، وامرأته حمالة الحطب ، في جيدها حبل من مَسَد ) ( سورة المسد ) .
وكان عمه أبو طالب يدفع عنه الأذى ويحميه من عدوان قريش وكانت خديجة ( رضي الله عنها ) تخفف عنه ما يلقاه من المكاره والشرور .
وقد قضت قريش على بني هاشم وعبد المطلب الخروج من مكة ، وحاصرتهم في شعب أبي طالب وسجلت مقاطعتها لهم في صحيفة عُلقتْ في جوف الكعبة .
وخرجت خديجة مع زوجها إلى الشَّعب المذكور ، وأمضوا جميعاً فترة عصيبة ، امتدّت إلى نحو ثلاث سنوات ، ثم فُكّ الحصار عنهم ، وعادوا إلى بيوتهم ومرتع صباهم .
عام الحزن
بعد نحو ستة أشهر من أنتهاء الحصار الذي فرض على المسلمين في شعب أبي طالب ، مات أبو طالب ( عم النبي صلى الله عليه وسلم ) الذي كان يحميه من أئمة الكفر القرشيين . فحزن عليه الرسول حزناً كثيراً ولم يبق له ، بعد ذلك ، من يدافع عنه ويحميه ، سوى ربّ العالمين ، وهو نعم المدافع والمعين .
وبعد أبي طالب بثلاثة أيام توفيت خديجة ، فشعر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن حزنه تضاعف إذْ فقد بموتها الحبّ والحنان والدعم النفسي ، الذي كان يعينه على السير في طريق الدعوة الشائك . وسمي ذلك العام ( عام الحزن ) .
منزلتها عند رسول الله
السيدة خديجة رضي الله عنها هي أول امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم و كانت أحب زوجاته إليه، ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة من قصب لا صحب فيه ولا نصب.
كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يفضلها على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ماغرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم
يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد
وقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمن بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبداللسيدة خديجة مكانة رفيعة ، فقد ظل يذكرها ويذكر صديقاتها طول العمر
وفاتها
ماتت خديجة بعد أن أخذ الإسلام ينتشر داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها ، حتى وصل إلى الحبشة ، وكانت قد بلغت الخامسة والستين من عمرها ، بعد أن عاشت مع الرسول صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة ، وأنجبت له أولاده جميعاً إلا إبراهيم .
توفيت خديجة رضي الله عنها وانزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها وادخلها القبر بيده، وكانت وفاتها مصيبة بالنسبة للرسول تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله – سبحانه وتعالى.
توفيت السيدة خديجة في رمضان، ودفنت بالحجون وهو جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها.
قال عنها المؤرخون
إن ثقتها في الرجل الذى تزوجته..لأنها احبته..كانت تضفى جوا من الثقة على المراحل الاولى للعقيدة التى يدين بها اليوم واحد في كل سبعة من سكان العالم
أرخ أحد المؤرخين حياة الرسول .. باليوم الذى لقى فية خديجة و "مدت يدها إليه تقديرا".. ، كما أرخ حادث هجرته إلى "يثرب" باليوم الذى خلت فية "مكة" من "خديجة" .
موقف " خديجة " حين جاءها زوجها من غار حراء " خائفا مقرورا أشعث الشعر و اللحية ، غريب النظرات ... ، فإذا بها ترد إلية السكينة و الأمن ، و تسبغ عليه ود الحبيبة و إخلاص الزوجة و حنان الأمهات ، وتضمه إلى صدرها فيجد فيه حضن الأم الذى يحتمى به من كل عدوان في الدنيا " ، وكتب عن وفاتها : " ... فقد الرسول بوفاة خديجة تلك التى كانت أول من علم أمره فصدقته ، تلك التى لم تكف عن إلقاء السكينة في قلبه...والتى ظلت ما عاشت تشمله بحب الزوجات و حنان الامهات "
رضي الله عنها و ارضاها و جمعنا الله بها ..
كم هي الحاجة ماسة لإبراز الصحابيات قدوات لنساء الأمة
في زمن المتغيّرات
في زمن اختلال الموازين
في زمن أصبحت القدوات حثالة المجتمعات
مِن راقصات ومُغنيّات
بل - أجاركن الله وحماكن - أصبحت المومسات قدوات !
وحقّ لنا حينها أن نقول :
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم !!
على أنه يبنغي أن لا يغيب عن أذهاننا أن الأمة لا زالت بخير ، وفيها نساء صالحات ، وفيها قدوات .
فاللهم احفظهن بحفظك
الشيخ عبد الرحمن السحيم
زوجات الرسول
سيدة نساء العالمين في زمانها
(خديجةبنت خويلد"رضي الله عنها)..
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدا لعزى القرشية الأسدية الملقبة .. بالطاهرة ..
خديجة بنت خويلد، أم المؤمنين تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة، نشأت على الصفات والأخلاق الحميدة، عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة.
نسبها ونشأتها
هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلاب القرشية الأسدية. أما أمها فهي فاطمة بنت زائدة بن الأصمّ ، يتصل حبل نسبها بالشجرة النبوية المباركة . ولدت سنة 68 للهجرة (556 م) .وكانت السيدة خديجة تاجرة، ذات مال تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة.
زواجها ( قبل محمد )
كان لخديجة مكانة رفيعة في قومها ، لصباحة وجهها ، وجمال نفسها – إضافة إلى حسبها ونسبها – فتزوجها عتيق بن عابد ، من بني مخزوم ، فولدت له هنداً بنت عتيق ، ومات عنها . فتزوجها بعده أبو هالة ، مالك بن النباشّ بن زُرارة ، الذي يتصل نسبه بعمرو بن تميم ، حليف بني عبد الدار بن قصيّ . فولدت له : هنداً بنت أبي هالة ، وهالة بنت أبي هالة ، ولم يعش أبو هالة طويلاً ، فترملت خديجة مرة ثانية ، وتفرغت للتجارة ، ولم تفكر في الزواج بعد موت أبي هالة .
زواجها بمحمد ( صلى الله عليه وسلم )
وكرّت السّنون وهي مشغولة بتجارتها فقد كانت ترسل أموالها في تجارة إلى الشام فتشتري ما يروق لها من أمتعة الهند واليمن وسائر الأمصار لتبيعها بالربح الجزيل .
وسمعت بمحمد بن عبدالله ، الذي لُقب بالأمين لصدقه وأمانته ، فأرسلت إليه وعَرضت عليه أمر المتاجرة بأموالها على أن تُعطيَه ضعف ما تعطي لغيره فوافق على ذلك وخرج من بيتها راضياً مطمئناً .
وحانت ساعة الرحيل فانطلق الركب من مكة إلى الشام وكان الجو حاراً ولكن شيئاً شَدَهَ المرافقين للأمين وحيّرهم أثناء سيرهم ، ذلك أن غمامة كانت تُظَللُهُ أينما سار ، وحيثما اتجه ، فتجعل طريقة وطريقهم برداً وسلاماً ، فأعجب به أولئك الرجال أيّما إعجاب وسحروا بأخلاقه وصفاء نفسه وكان فيهم ميْسرة مولى خديجة .
وبالقرب من بُصرى الشام ، استرح القوم من وعثاء السفر فانتحى محمد الأمين ناحية وجلس تحت ظل شجرة قريبة منهم ، وأخذ يجيل بصره فيما حوله متأملاً . أما مَيْسرة فذهب ليزور بعض معارفه في ذلك المكان . وفي الطريق قابل راهباً اسمه ( نسطور ) ( وليس البحيري الذي قابله عندما كان برفقة عمه في رحلتهما الى الشام . ) فسأله ذلك الراهب عن الشخص الجالس تحت ظل الشجرة فقال :
من قريش ، من أهل الحرم .
فقال نسطور :
ما نزل تحت هذه الشجرة قطُّ إلا نبيّ ( أراد : مانزل تحتها هذه الساعة إلا نبيّ ، ولم يقصد غير ذلك ) .
وهرول الراهب نحو النبي صلى الله عليه وسلم وهو يردد قوله :
ليتني أُدرك وقت نبوّته .
وعندما اقترب منه تأمله طويلاً ، ثم عاين النقطة التي بين كتفيه ، وهي علامة النبوّة ، وعاد بعد ذلك إلى صومعته مسحوراً بما رأى .
عاد النبي عليه السلام ، من رحلته تلك بربح كثير لم تشهد خديجة ولا مولاها مثله ، فازداد إعجابها به . وسرد ميسرة على خديجة قصة الغمامة التي كانت ترافقه ، وحكى لها – كذلك – ما دار بينه وبين الراهب نسطور من حديث يبشّر بنبوّته .
وعرضت خديجة على محمد الأمين الزواج منها ، عن طريق مولاتها نفيسة .
زارت نفيسة محمداً ، وقالت له :
ما يمنعك أن تتزوج ؟
فقال : لا أجد المال اللازم لذلك .
فقالت له : فإن كُفيتَ ، ودُعيتَ إلى المال والجمال؟
فقال : ومَنْ هذه ؟
فقالت : خديجة بنت خويلد .
فتعجب محمد من ذلك ، وظل ساكناً لا يجيب .
فعادت نفيسة إلى مولاتها فرحة سعيدة ، تحمل لها بُشرى القبول .
وجاء القوم من بني هاشم يوم الإملاك ، وهو يوم العَقْد ، وفيهم محمد بن عبدالله ، فأصدق خديجة عشرين بَكْرةً ( الناقة الفتية ) وتم الزواج . وكانت خديجة في الأربعين من عمرها ، وكان محمد في الخامسة والعشرين .
الزواج الميمون ، وثمرته :
عهدت خديجة في محمد إدامة التفكير ، وحبّ الخلوة ، والبعد عن صخب الحياة وضوضائها ، فهيأت له كل أسباب الراحة والهدوء . وكان هو يقدَّر لها ذلك فيُجِلُّها ويحترمها أيّما احترام . ومضت تلك الحياة الهانئة السعيدة فقضى الزوجان المباركان خمساً وعشرين سنة ، كانت مثالاً رائعاً في الصفاء والمودة ، وكانت ثمرة هذا الزواج أربعة ذكور ( وقيل هم ثلاثة ) وأربع إناث ، وهم : القاسم والطيب والطاهر وعبدالله وزينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة الزهراء .
فأما الأولاد الذكور ، فهلكوا في الجاهلية . وأما زينب فتزوجها أبو العاصي بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي فولدت له عليّاً ، وأمامة التي تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، بعد موت فاطمة الزهراء ، رضي الله عنها . ثم خلف عليها بعد عليّ المغيرة أبن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ، بوصية من عليّ رضي الله عنه . وماتت زينب رضي الله عنها سنة ثمانٍ من الهجرة .
وأما رقية فتزوجها عتبة بن أبي لهب وطلقها قبل أن يدخل بها فتزوجها عثمان بن عفان ، رضي الله عنه ، وهاجر بها إلى الحبشة وولدت له هناك عبدالله الذي مات بعدها وقد بلغ ست سنين . وكانت رقية من أجمل النساء ، أصابتها الحصبة وتوفيت بالمدينة المنورة ، بعيد معركة بدر . وأما أم كلثوم فتزوجها عتيبة بن أبي لهب ، وفارقها قبل أن يدخل بها فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه ، بعد موت رقية ، فسمي – لذلك – بذي النورين . تزوجها في شهر ربيع الأول ، ودخل بها في جمادي الآخرة ، من السنة الثالثة وماتت سنة تسع من الهجرة .
وأما فاطمة الزهراء ، فتزوجها علي رضي الله عنه وكان ذلك في شهر رجب بعد الهجرة بخمسة أشهر ، وبنى بها بعد عودته من بدر وكانت – رضي الله عنها – بنت خمس عشرة سنة ، وقيل بنت ثماني عشرة سنة ، فولدت له الحسن والحسين ومحسناً ( الذي مات صغيراً ) وأم كلثوم ، وزينب . ثم ماتت بعد أبيها صلى الله عليه وسلم بستة أشهر ، فكانت وفاتها لثلاث خلون من شهر رمضان ، سنة إحدى عشرة.
الوحي
عندما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الأربعين من عمره كان يرى الضوء والنور ويسمع النداء ولا يرى أحداً . ثم يرى الرؤيا الصالحة في النوم . وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . ولقد حُبَب إلى محمد صلى الله عليه وسلم الانفراد والخلوة فكان يذهب إلى غار حراء ويطيل التأمل والتفكير .
وفي أحد الأيام جاءه جبريل – عليه السلام – برسالة من الخالق – عز وجل – فعاد إلى بيته مرتجفاً وهو يقول :
زّملوني ، دثَروني .
فزمّلته السيدة خديجة ، ولازمته حتى فارقه الخوف . ثم قال لها : إن جبريل جاءه وهو نائم ، بنمط ( وعاء ) من ديباج فيه كتاب ، فقال له : اقرأ . فقال له : ما أنا بقارئ ( أي : لا أستطيع القراءة ) وكررها ثلاثاً ، ثم قال له : ( اقرأ بأسم ربّك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربّك الأكرم الذي علم بالقلم ) ( سورة العلق ) .
قال صلى الله عليه وسلم : فقرأتها ، فانصرف عني ، وهببت من نومي ، فكأنما كُتبتْ في قلبي كتاباً . ثم بشرني جبريل بالرسالة . انطلقت خديجة – بعد ذلك – إلى عمها ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي ( وكان قد تنصر وقرأ الكتب وسمع من أهل التوراة والإنجيل ) فروت له ما حدث لزوجها صلى الله عليه وسلم فقال :قُدّوس قُدوس ( أي طاهر ) والذي نفس ورقة بيده لئن كنتِ صَدَقْتني ياخديجة ، لقد جاءه الناموس الأكبر ( الوحي ) الذي كان يأتي موسى ، وإنه لنبيّ هذه الأمة ، فَلْيَثْبُتْ .
ثم نزل عليه الوحي بقوله تعالى ( يأيها المدثر ، قم فأنذر ، وربك فكبر ، وثيابك فطهر ، والرجز فاهجر ، ولا تمنن تستكثر ، ولربك فاصبر ) ( سورة المدثر ) .
بعد ذلك ، أخبر زوجة بالأمر السماوي قائلاً : ( انتهى يا خديجة عهد النوم والراحة ، فقد أمرني جبريل أن أنذر الناس ، وأن أدعو إلى الله وإلى عبادته ، فمن ذا أدعوا ، ومن ذا يستجيب ؟ ) ثم قام ينشد ( ورقة بن نوفل ) فما إن رآه ورقة حتى صاح قائلاً :
" والذي نفسي بيده ، إنك لنبي هذه الأمة ، وَ لَتُكَذَّبَنَّ ، وَلَتُؤّذَيَنَّ ، وَلَتَخُرَجَنَّ ، وَ لَتُقاتَلَنَّ ، ولئن أنا أدركت ذلك اليوم لأنصُرَن الله نصراً يعلمه "
ثم أدنى رأسه إليه فقبل يافوخه . قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ( أوَ مُخرجيَّ هم ؟ )
أجاب ورقة : نعم لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي ، ليتني أكون فيها جذعاً ( الشاب القوي ) .. ليتني أكون حياً.
الدعوة السَّرية
منذ ذلك الوقت بدأت الدعوة السرية التي استمرت ثلاث سنوات فأخذ يدعو أصدقائه وأقرب الناس إليه فكانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن به من النساء ، وأبو بكر رضي الله عنه أول من آمن من الرجال ( وقد سمي الصَّديَّق ، لأنه أول من صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سرد له ما حدث له ليلة الأسراء والمعراج ) وكان عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه ، أول من آمن به من الأطفال .
ولقد لقي صلى الله عليه وسلم في دعوته الناس إلى الإسلام المصاعب والعقبات الكثيرة وكان أشدهم عداء له عمه أبو لهب وامرأته وقد نزل فيهما قرآن يتلى مدى الدهر : ( تبت يدا أبي لهب وتب ، ما أغنى عنه ماله وما كسب ، سيصلى ناراً ذات لهب ، وامرأته حمالة الحطب ، في جيدها حبل من مَسَد ) ( سورة المسد ) .
وكان عمه أبو طالب يدفع عنه الأذى ويحميه من عدوان قريش وكانت خديجة ( رضي الله عنها ) تخفف عنه ما يلقاه من المكاره والشرور .
وقد قضت قريش على بني هاشم وعبد المطلب الخروج من مكة ، وحاصرتهم في شعب أبي طالب وسجلت مقاطعتها لهم في صحيفة عُلقتْ في جوف الكعبة .
وخرجت خديجة مع زوجها إلى الشَّعب المذكور ، وأمضوا جميعاً فترة عصيبة ، امتدّت إلى نحو ثلاث سنوات ، ثم فُكّ الحصار عنهم ، وعادوا إلى بيوتهم ومرتع صباهم .
عام الحزن
بعد نحو ستة أشهر من أنتهاء الحصار الذي فرض على المسلمين في شعب أبي طالب ، مات أبو طالب ( عم النبي صلى الله عليه وسلم ) الذي كان يحميه من أئمة الكفر القرشيين . فحزن عليه الرسول حزناً كثيراً ولم يبق له ، بعد ذلك ، من يدافع عنه ويحميه ، سوى ربّ العالمين ، وهو نعم المدافع والمعين .
وبعد أبي طالب بثلاثة أيام توفيت خديجة ، فشعر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن حزنه تضاعف إذْ فقد بموتها الحبّ والحنان والدعم النفسي ، الذي كان يعينه على السير في طريق الدعوة الشائك . وسمي ذلك العام ( عام الحزن ) .
منزلتها عند رسول الله
السيدة خديجة رضي الله عنها هي أول امرأة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم و كانت أحب زوجاته إليه، ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.
كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة، جليلة، دينة، مصونة، كريمة، من أهل الجنة، فقد أمر الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة من قصب لا صحب فيه ولا نصب.
كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يفضلها على سائر زوجاته، وكان يكثر من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول : ما غرت على أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ماغرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي صلى الله عليه وسلم
يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول إنها كانت وكان لي منها ولد
وقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها، فذكر خديجة يوما من الأيام فأدركتني الغيرة فقلت هل كانت إلا عجوزاً فأبدلك الله خيراً منها، فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب ثم قال: لا والله ما أبدلني الله خيراً منها، آمن بي إذ كفر الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها أولاداً إذ حرمني النساء، قالت عائشة: فقلت في نفسي لا أذكرها بسيئة أبداللسيدة خديجة مكانة رفيعة ، فقد ظل يذكرها ويذكر صديقاتها طول العمر
وفاتها
ماتت خديجة بعد أن أخذ الإسلام ينتشر داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها ، حتى وصل إلى الحبشة ، وكانت قد بلغت الخامسة والستين من عمرها ، بعد أن عاشت مع الرسول صلى الله عليه وسلم خمساً وعشرين سنة ، وأنجبت له أولاده جميعاً إلا إبراهيم .
توفيت خديجة رضي الله عنها وانزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه في حفرتها وادخلها القبر بيده، وكانت وفاتها مصيبة بالنسبة للرسول تحملها بصبر وجأش راضياً بحكم الله – سبحانه وتعالى.
توفيت السيدة خديجة في رمضان، ودفنت بالحجون وهو جبل بأعلى مكة عنده مدافن أهلها.
قال عنها المؤرخون
إن ثقتها في الرجل الذى تزوجته..لأنها احبته..كانت تضفى جوا من الثقة على المراحل الاولى للعقيدة التى يدين بها اليوم واحد في كل سبعة من سكان العالم
أرخ أحد المؤرخين حياة الرسول .. باليوم الذى لقى فية خديجة و "مدت يدها إليه تقديرا".. ، كما أرخ حادث هجرته إلى "يثرب" باليوم الذى خلت فية "مكة" من "خديجة" .
موقف " خديجة " حين جاءها زوجها من غار حراء " خائفا مقرورا أشعث الشعر و اللحية ، غريب النظرات ... ، فإذا بها ترد إلية السكينة و الأمن ، و تسبغ عليه ود الحبيبة و إخلاص الزوجة و حنان الأمهات ، وتضمه إلى صدرها فيجد فيه حضن الأم الذى يحتمى به من كل عدوان في الدنيا " ، وكتب عن وفاتها : " ... فقد الرسول بوفاة خديجة تلك التى كانت أول من علم أمره فصدقته ، تلك التى لم تكف عن إلقاء السكينة في قلبه...والتى ظلت ما عاشت تشمله بحب الزوجات و حنان الامهات "
رضي الله عنها و ارضاها و جمعنا الله بها ..